توصف حالة «الهوس الخفيف» (أو ما تحت الهوس) hypomania عادة، بأنها حالة مزاجية تتسم بارتفاع مستويات الطاقة إلى أعلى من مستوياتها المعهودة، إلا أن الطاقة لا ترتفع إلى مستوى عال جدا يؤدي إلى حدوث خلل أو ضعف ما.
وهذه السمة أهم ما يميز حالة «الهوس الخفيف» عن حالة الهوس mania. وفي الواقع فإن معايير الهوس الخفيف، والهوس، متطابقة تقريبا، وفق الدليل التشخيصي والإحصائي للأمراض العصبية في طبعته الرابعة Diagnostic and Statistical Manual of Mental Disorders, Fourth Edition (DSM – IV).
* الهوس الخفيف يثير تعبير «الهوس الخفيف» الالتباس لدى بعض الناس، لأن هذا التعبير يعني أنه أقل حدة من الهوس، إلا أنه ومقارنة بالمزاج المعتدل يشير إلى وجود هوس فعلا.
وأحد معالم الهوس الخفيف البارزة قلة الحاجة إلى النوم، كما وصفتها في سؤالك. وينام بعض الناس المعانين من الهوس الخفيف لساعات معدودة في اليوم، ومع هذا فإنهم يؤكدون أنهم يشعرون بكفايتهم من الراحة. وفي نفس الوقت، فإن الكثير من الأشخاص المبدعين يتسمون بالهمة العالية، وعندما يكونون «منجرفين» في أعمالهم، فإنهم ينامون لفترة أقل من المعتاد.
* 3 أعراض
ويتطلب التشخيص الرسمي لحالة الهوس الخفيف وفق معايير دليل (DSM – IV)، وجود ثلاثة أعراض له على الأقل من بين الأعراض التالية، واستمرارها لمدة أربعة أيام على الأقل، وهي:
الشعور بالتقدير الذاتي العالي المبالغ فيه أو الشعور بالعظمة، وتدني الحاجة إلى النوم، وازدياد الحديث، أي اللغو الزائد، والتواتر السريع للأفكار والتصورات، وتشتت ملحوظ في الانتباه، وازدياد النشاط، والمشاركة الزائدة عن الحد في النشاطات التي تجلب السعادة إلا أنها تكون مؤذية على المستوى الشخصي أو المالي (مثل هوس التسوق، والولع بالجنس، والاستثمار المالي المتهور، وما شابه).
أما بالنسبة إلى حالة الهوس فإن الأعراض تكون متشابهة على الأكثر، إلا أن دليل (DSM – IV) ينص بشكل خاص على أن تمتد الأعراض لفترة أسبوع على الأقل، وأنها تؤدي إلى التنويم في المستشفى، أو أنها تتضمن ظهور أعراض عصبية (انفصال الشخص عن الواقع).
وبينما يمكن لحالة الهوس الخفيف أن تظهر لوحدها، فإن حالة الهوس – وفقا لتعريفها – لا تظهر إلا مع اضطراب ثنائي القطب bipolar disorder (أي الهوس الاكتئابي). وفي النوع الأول من اضطراب ثنائي القطب يعاني المصاب في العادة من تناوب الكآبة مع الهوس. أما في النوع الثاني من الاضطراب، الذي يعتبر أقل حدة من الأول، فإن المصاب يعاني من تناوب الكآبة والهوس الخفيف، ولم يعان أبدا من الهوس.
* تعديل المزاج
وإن لم تكن تعاني من أي من هذه الأعراض، فإنك فقد تكون من بين الأشخاص المحظوظين الذين يمكنهم السهر طويلا من دون أي عواقب. ولدي صديق منتج وناجح – أغبطه حقا – لا يشعر أبدا بالتعب، مع أن فترة نومه تقل عن الفترة التي يوصي بها الخبراء.
ولكن إن حدث وصادفتك المشكلات نتيجة قلة النوم، وهي مشكلات قد تظهر خلال فترات المزاج المكتئب، أو عندما تتأثر علاقاتك العائلية أو في موقع العمل، أو أخذت تلاحظ بعض العلامات البارزة لحالة الهوس الخفيف، فعليك أن تستشير الطبيب لتقييم حالتك العصبية والبدء في العلاج.
وقد تتطلب الحالات الشديدة من الهوس الخفيف اللجوء إلى «معدلات المزاج» mood stabilizers التي تستخدم لعلاج الهوس. أما الحالات المعتدلة والخفيفة من الهوس الخفيف، فإنها تتطلب تغيير نمط الحياة والتوجه نحو اتباع نمط من العادات الصحية.
وتشمل هذه العادات الصحية تناول الوجبات الغذائية بانتظام، ممارسة النشاطات الرياضية يوميا (لحرق قدر كبير من الطاقة)، ومحاولة الحصول على قسط وافر من النوم لفترة سبع إلى ثماني ساعات في الليل.
كما قد يساعد في هذه الحالات، تعليم النفس على وسائل التعرف على المحفزات التي تقود إلى ظهور الهوس الخفيف، مثل الحرمان من النوم أو الإفراط في تناول الكافيين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق