يرجع
تاريخ ربطة العنق الى بدايات القرن السابع عشر، اي فترة الحروب الأوروبية
التي امتدت ثلاثين عاماً.
واستخدم جنود «كرواتيا» بالتحديد هذه الربطة التي
كانت «شالا» ملفوفا حول العنق مع عقدة كبيرة، بالطريقة نفسها التي تلف
فيها وتعقد ربطة العنق اليوم.
وبالعودة الى مصطلح كلمة «كرافات» نجد أنها
كلمة مشتقة بالأصل من كلمة «كروات» CROAT.
كانت
الحرب الاوروبية عنيفة وقاسية، وكانت طريقة اعدام «الكرواتيين» حين وقوعهم
في أيدي الاعداء هي بتعليقهم «بشالاتهم»، اي بربطات العنق التي يرتدونها.
ومن هنا جاءت الكلمة الانكليزية Necktie التي ترجمتها الى العربية ربطة
عنق.
في ذلك الوقت كان الكرواتيون
منتشرين في اوروبا الغربية، وخصوصاً العاصمة الفرنسية باريس، ولقد أعجب
الفرنسيون بهذا النموذج الذي يجمّ.ل العنق ويلفت النظر اليه لذلك تمّ
ادراجه من ضمن الزي الرسمي للساسة والقادة الكبار.
وكان هذا في زمن الملك
لويس السادس عشر وأطلقوا عليه تسمية A La Croat. بعد ذلك عمّ استخدام هذه
الربطة ليشمل عامة الشعب فتكرّست التسمية الجديدة CRAVAT التي هي بالطبع
مأخوذة من CROAT.
ولقد سمَّاها الايطاليون CRAVATTA، وأطلق عليها العرب اسم: ربطة العنق او كرافاته… وحتى أن الكروات اليوم يسمونها CRAVATA!!
أشكال عديدة
مرّت «الكرافات» بأشكال عدة عبر الزمن وتبدّلت الأذواق والموضات، وتباينت
ربطة العنق بين قصيرة وطويلة، وبين رفيعة وعريضة.
هذا الى جانب تغيّر
ألوانها وزخارفها وبدأت تأخذ تواقيع كبار مصممي الأزياء في العالم وأدخلت
عليها بعض الاكسسوارات كالدبوس الذهبي.
ومن ربطات العنق الرسمية هناك ربطة «الفراشة» أي PAPILLON، والشال الحريري
العريض الذي يلفّ حول العنق من داخل الياقة بعقدة عريضة جداً وينزل طرفا
الشال تحت القميص.
أما أصل هذا الشكل فيعود الى ما يعرف بـ«الفولار» وهو في
الاساس من ربطات عنق الكشافة أينما كان، وهو للرجال وللنساء على حدّ سواء.
ولفّ رعاة البقر في اميركا حول أعناقهم شريطاً جلدياً تحت ياقة القميص
بعقدة معدنية ظاهرة تتدلّى فوق الصدر.
جراثيم في كرافتات الأطباء
وكشفت بعض الدراسات الحديثة أن ربطة العنق التي يرتديها الاطباء في المستشفيات تشكّل بؤرة لأنواع عدة من الجراثيم والميكروبات.
ولاحظ أحد طلاب الطب ويدعى ستيفن نيركن، حين كان يكمل سنته الدراسية
النهائية في الجامعة، وخلال قضائه لفترة تدريبية في مستشفى «كوينز»
نيويورك، أن جميع الاطباء يضعون ربطات عنق.
وقال إنه اثناء انحناء الاطباء
فوق المرضى لمعاينتهم يحدث أن تلامس ربطة العنق جسم المريض او فراشه، وهي
حافلة بأنواع مختلفة من الجراثيم.
وبالرغم من لجوء الاطباء – الدائم – الى
غسل أيديهم بعد الكشف على كل مريض، فإنهم غالباً ما يلجأون الى ضبط ربطة
عنقهم بأصابعهم، وهذا ما يعرض أيديهم مجدداً الى التقاط الجراثيم العالقة
على الكرافات.
هذا الى جانب ندرة خضوع
ربطات العنق بشكل عام الى الغسل، مما يزيد من مخاطر التلوث. ولتأكيد رأيه
عرض ربطات عنق لاثنين واربعين طبيباً ومعهم عدد من عمال المختبر في
المستشفى للفحص المخبري فوجد أن عشرين منها أي بواقع 48 بالمئة تحمل نوعاً
واحداً على الاقل من الجراثيم.
وللمقارنة فقد أجرى فحوصاً على ربطات عنق لعشرة اشخاص من حراس أمن
المستشفى، من الذين لا يقيمون اي اتصال مباشر مع المرضى، فجاءت النتيجة
وجود ربطة عنق واحدة فقط تحمل ميكروباً.
في المقابل قال رئيس قسم الأمراض المعدية بمستشفى «كوينز» الدكتور جيمس
رحّال إن البحث الذي تقدم به الطالب نيركن لم يذكر أي أدلة دافعة تؤكد أن
ربطات العنق تمثل خطراً صحياً إضافياً.
وأضاف، إن جميع الجراثيم التي أشار
اليها هي من الميكروبات الشائعة في المستشفيات بغضّ النظر عن ربطات العنق،
هذا الى جانب توافر إمكان علاجها بالمضادات.
ثم قال، لا توجد ربطات عنق
خطرة، ولا أيضاً توجد ميكروبات خطيرة في المستشفى فكلها من الميكروبات
الطبيعية الموجودة في أجوائنا، مؤكداً أن الامر يندرج كذلك على حليّ
الاطباء من ساعات يد وسلاسل. وعلى الاجهزة والادوات الطبية التي تتعرض
للميكروبات الآنفة الذكر بالرغم من تعقيمها.
تسبب عصبية زائدة
قال الدكتور سعيد شلبي الاستاذ بالمركز القومي للبحوث في مصر ان ربطة
العنق تسبّب النرفزة والعصبية الزائدة، لذلك فهو ينصح الذين تضطرهم ظروفهم
الى استخدام ربطة العنق بالتقليل من لبسها خلال فصل الصيف الحار.
واذا كان
هناك من لزوم لاستخدامها فمن الافضل أن يقتصر ذلك على الساعات الاولى من
النهار، بحيث تكون «عقدة» الكرافات غير محكمة على الرقبة، وغير ضاغطة على
منطقة الغدة الدرقية مما يؤثر في إفرازاتها.
ويضيف بأن مرضى الغدة الدرقية
والصَرَع والتشنجات، والمعرّضين لغيبوبة الكبد والسكر يحظر عليهم ربط أو شد
ولفّ العنق بأي شيء مهما كان السبب.
وتبقى ربطة العنق او الكرافات شكلاً من اشكال الاناقة التي أخذت بها شعوب
ولم تستسغها في المقابل شعوب أخرى وذلك لعدة أسباب منها اجتماعية وتراثية
مختلفة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق