الأربعاء، 27 أكتوبر 2010

مجرًد إجتهاد





بداية لا يجب علينا الأنصياع التام لما نسمعة أو نراه من الفتاوى لغرض إثارة الفتنة أو البلبلة لأن المؤمن يجب أن يستفتي قلبه.


 فكلنا يعلم مسألة الضعف البشري وأن الإنسان واقع في الخطأ لا محالة ولذلك يسر الله له وسائل للاستغفار والتكفير عن الذنوب الكبيرة ووسائل للتوبة، وكيف أن الحسنات يذهبن السيئات وصغار الذنوب.


 إن فهم الإسلام للذنب هو أنه في حالة ارتكابه يكون وسيلة للندم ثم التوبة والاستغفار ومن ثم عدم الوقوع في الذنب مرة أخرى، فالإسلام أقر الضعف البشري ونصيب كل إنسان من الوقوع في الخطأ لا محالة، وتلك هي اختبارات وابتلاءات لإصلاح النفس بعد التوبة.


و بما أن الإنسان بطبيعته يرتكب الذنوب الصغيرة أو اللمم أو أن يقصر في العبادات أدركت الشريعة الإلهية ذلك ويسرت له السبل للتكفير عنها بالاستغفار وإتيان الحسنات.


الأهم في الإسلام ليس اقتراف الذنوب بل أهمية تواجد الحاسة الإيمانية داخل النفس، والتكفير عن الخطيئة يمنع الشعور بالذنب والندم لمدة أطول من اللازم، وهذا أفضل ممن يظن نفسه بلا خطيئة ولا يستغفر بل يشعر بالزهو ويدعي الكمال. هذه هي رحمة الإسلام التي تفوق التصور البشري.


ومن ناحية النظرة الدونية الحالية للمجتمع تجاه المرأة وهي نظرة غير إسلامية على الإطلاق، لأن الإسلام ساوى بين الجنسين في الحقوق والواجبات كما نجد في السيرة النبوية وفي العديد من الآيات القرآنية. فالنبى محمد صلى الله علية وسلم  قد غرس بذرة تعاليم نبوية سامية للتعامل مع المرأة لكن هذه البذرة لم تثمر بسبب العصبية القبلية الذكورية للمجتمع الجاهلي وبسبب قصر مدة حكم النبي للمدينة وأخيرا بسبب تحول الخلافة لمُلك عضوض.


وأعتقد أن هناك حقيقة غائبة عن أذهان الجميع ألا وهي أن الدين ليس هو كل شيء في الحياة بل هو جزء من مجموع جوانب تشكل هذه الحياة. بخلاف تحريف واستغلال مبادئ الدين كحرفة لخدمة أغراض دنيوية، يظن الكثيرون أن الدين فيه كل شيء.


 على الرغم من أهمية ومكانة الدين لكنه يمثل جانب واحد من الحقيقة من ضمن جوانب عديدة بعضها معروف وبعضها لا يعلمه سوى الله صاحب الحقيقة المطلقة. لا كهنة ولا سدنة ولا مؤسسة دينية في الإسلام تدعى أنها تملك الفهم الوحيد الصحيح للدين.


 هناك أبعاد متعددة أخرى في الحياة يتفاعل معها الدين ليظل صالحا لكل زمان ومكان، وهذه التعددية في الحياة لا تخالف الدين والإيمان بوحدانية الخالق، ومن أهم الأبعاد العلوم والفنون والآداب والفلسفة والرياضة، وهي الأبعاد التي تمثل الحياة البشرية وسنن الله في خلقه، ولا يصح أن يطغى البعد الديني على الأبعاد الأخرى للحياة الإنسانية بسبب سيطرة كهنوت المؤسسة الدينية. احتكار الحديث عن الدين بواسطة أي جماعة متحجرة الفكر يفرض وصاية ثقيلة وتعتيم ورقابة صارمة على الجوانب الأخرى السالفة الذكر.


فمن غير المعقول في العصر الحديث أن نتمسك بأقوال فقهاء عاشوا منذ قرون مضت لأن كلماتهم لا تظل صالحة إلى يومنا هذا. الفترة المبهرة المثالية الوحيدة في الإسلام هي حكم النبي للمدينة المنورة ثم حكم الخليفة الأول والثاني من بعده، ثم انحرف المسار إلى الملك السلطوي الوراثي المستبد وما تبعه من تعقيدات وانتكاسات التي أدت للانحراف عن الهدي النبوي وتخلف الشعوب الإسلامية لاحقا.


 لكن لا ينبغي أن نحاول إعادة عقارب الزمن للوراء لمجرد إعجابنا بحقبة زمنية معينة في التاريخ بل يجب أن نعيش عصرنا لا أن نتبع الأسلاف ونقلدهم بدون وعي بزعم أن الأزمنة الماضية كانت خيرا من زماننا. يقول الكاتب أن العقل المسلم قد تجمد لقرابة ألف عام بسبب التوقف عن التفكير والاجتهاد، ويجب أن تنتقل الأهمية من النص إلى طرق فهم النص ومضمونه والمفهوم منه، وهذا يختلف من عصر لآخر.


فلا ضرر في الاقتباس من العولمة والمدنية الحديثة ما يفيد العالم الإسلامي ونبذ ما ملا يتفق مع الإسلام وهو قليل، لأن العولمة والتعددية لها نقاط تشابه كثيرة مع الإسلام، كما أن الإسلام خط دفاع ضد أي جوانب متوحشة للعولمة وللعلمانية وسيحفظ للأمة كيانها ويحول دون ذوبانها وفي نفس الوقت يسمح بمرونة التكيف مع العصر الحديث.


إن الحب والجمال عالمان مغيبان عن المجتمع الإسلامي حاليا وظل الجميع يقولون بالإعراض عن حب الدنيا والحرص على حب الآخرة فقط واعتبار أن حب الدنيا فتنة وشر مستطير، مع أن الإسلام يعترف بحق الإنسان في الاستمتاع بمباهج الدنيا وورد في القرآن فكرة حب الله، كما أن الجمال في الخلق والطبيعة يشير لوجود الخالق المبدع والجمال من أعظم نعم الله على البشر، وتأمل الجمال في الطبيعة يجمع بين الفن والعبادة معا.


 لكن قيم الجمال والحب التي هي من مقومات المجتمع الإنساني تضائل الإحساس بها وسط تشدد الغلاة وخوفهم من هاجس الفتن المزعومة، وبالتالي لابد أن تتحرر الأمم الإسلامية من تراثها المعقد الذي ينهى عن الحب والاستمتاع بالحياة مما أدى للنفاق وتشوه النفوس وضلالها.إن الله هو الذي جبل النفس البشرية وأهو أرحم بالناس من بعضهم البعض لأنه خالق النفس وألهمها فجورها وتقواها، فالبشر ليسوا ملائكة لا يخطئون.


فيجب علينا إعمال العقل وضبط السنة بضوابط القرآن لاستبعاد الأحاديث المزورة المنسوبة للنبي، واعتبار الحكمة من أصول الإسلام وأن الزكاة في قدسية الصلاة و أن المصلحة العامة هي القاعدة الأهم لكل ما ورد في الفقه والشريعة، وضرورة مجاوزة السلف، وأهمية تحرير المرأة ومساواتها بالرجل واستبعاد فكرة أن الدين الإسلامي يسيطر على كل شيء بل هو جانب واحد من جوانب الحقيقة: (الدين- العلوم- الفنون – الآداب - الفلسفة) وهي جوانب لها عطاءها المختلف عن الدين لكنه عطاء لا يتنافر مع الدين بل ينسجم معه.
وأخيرا تتفق معى أو تختلف ... فهى مجرًد وجهة نظر عمًا يدور بخلدى ومحاولة للوصول إلى  الفهم الصحيح للدين الحنيف بدون تعصًب أو تشَدد .



ليست هناك تعليقات: