السبت، 20 نوفمبر 2010

مقاييس الجمال عند الشعوب






أتذكر حكايات الجدات لنا عن ست الحسن والجمال، التي كن يصفنها بأوصاف إذا ما قورنت بمواصفات الجمال في العصر الحالي لوجدنا فجوة كبيرة بينهما. فست الحسن كان فمها كخاتم النبي سليمان تعبيرا عن الصغر وأنفها «كالنبأة» أي البلحة الصغيرة وعيونها واسعة وشعرها كسلاسل الذهب وقوامها ملفوف يميل للسمنة، أما طولها فهو بين بين. ولا أعتقد أن أوصاف جداتنا عن الجمال تصلح لهذا العصر الذي غدا فيه فم انجلينا جولي أو جوليا روبرتس الكبير بشفاه ممتلئة رمزا للأنوثة، ولا قوامهما الطويل النحيل عنوان الرشاقة.

وعلى الرغم من عصر العولمة الذي بتنا نعزو اليه كل ما يحدث لنا، وتلقي الابحاث على عاتقه بتهم ما يحدث في مجتمعاتها من مظاهر مختلفة، الا ان هذا العصر قد فشل في توحيد مقاييس الجمال في دول العالم المختلفة. وإذا كانت مقاييس الجمال تتغير وفق تغير المفاهيم، وتختلف وفق طبيعة المجتمعات، فيبقى الحكم على جمال المرأة خاضعاً لثقافة الرجل الذي يتهمه البعض بالتسبب في ما باتت تعاني منه المرأة من حيرة في ما يجب ان تبدو عليه.

فقد نجح الرجل في وضع مقاييس الحسن وحبس المرأة في إطارها. فعلى سبيل المثال فان الرجل المصري وحتى مطلع العشرينات من القرن الماضي كان يضع البدانة كأحد مقاييس الجمال الاساسية التي لا بد وان تتوافر في المرأة.

وهو الامر الذي طرأ عليه بعض التغيير بعد خروج المرأة للعمل والتعلم لتخرج عن نمط ربة البيت المتفرغة لتربية الابناء الى نمط المرأة العاملة، التي تساند الرجل في رحلة الكفاح وترتاد معه وسائل المواصلات واماكن العمل. وفي السنوات العشر الاخيرة غزا النمط الغربي للجمال مقاييس الجمال العربية لتصبح النحافة مطمع العديد من الشابات، بل وتزايدت معاييرها ليصبح بروز عضلات جسد المرأة دليلا على الجمال لدى البعض ممن يعتبرها دليلا على انتماء المرأة الى طبقة اجتماعية معينة.

ويزداد لهاث المرأة وراء كل ما يجد في عالم جراحات التجميل التي انتشرت بشكل لافت للنظر في السنوات الاخيرة بدءا من عمليات شفط الدهون وتكبير الثديين وتصغيرهما ورفع الحاجبين وتصغير الشفاه وتكبيرها انتهاء بتدبيس المعدة. وهو ما تفوق فيه اللبنانيون، الذين صارت لهم الصدارة في المنطقة العربية، بدليل حصيلة العمليات التي تجرى به والإقبال المتزايد عليهم من دول عربية اخرى، بخاصة مع ظهور نماذج الجمال التي قدموها من خلال عدد كبير من المطربات اللبنانيات .

يقول دكتور محمد بشارة البزرة خبير جراحات التجميل إن: «الجمال الحقيقي هو جمال الروح الذي ينبع من داخلنا فينعكس على ملامحنا، ويضفي عليها الجمال والصفاء، على أساس أن الجمال وحدة واحدة لا تتجزأ. فالعيون الجميلة هي التي ترى الكون جميلا والأنف الجميل هو الأنف الذي لا يتشامخ على غيره والشفاه الجميلة هي الشفاه التي ترتسم عليها ابتسامة التشجيع والتفهم والرضا» مضيفا بانه وبالرغم من كل ما توصل إليه العلم في مجال تجميل الوجه والجسم في عصرنا الحالي فإن عذوبة الروح والعقل تبقى هي مصدر كل جمال وجاذبية.

البعض يعرف قصة المفكر انشتاين حينما التقته امرأة شديدة الجمال وقالت له انها ترغب في الزواج منه لتنجب طفلا يرث جمالها وذكاء عقله. فرد عليها ساخرا: «أخشى أن يرث مظهري ودرجة ذكائك». وهو ما يفسر ان هناك الكثير من الفاتنات اللاتي لا يملكن مفتاح القلوب والعقول. هكذا تحدث الدكتور أحمد المجدوب استاذ علم الاجتماع الى «الشرق الاوسط» مضيفا: «فوضى مقاييس الجمال في الشارع العربي مردها البحث عن صورة مثالية صعب الحصول عليها الا في الخيال نتيجة ما تروجه الاعلانات والاغاني التي تبثها الفضائيات المختلفة. 

ولهذا تزداد حالات الطلاق في عصرنا الحالي لان المقاييس التي يكتشفها الرجل بعد الزواج غير التي ارتبط بها وارتضاها». كلمات خبراء التجميل ونصائحهم لا تقنع العديد من النساء في عصر اصبح فيه المظهر الخارجي يلعب دورا كبيرا في التقدم في الحياة الشخصية والعملية. 

ففي السعودية، وعلى سبيل المثال، أعلنت في شهر مارس الماضي دراسة أكدت أن 90 في المائة من السعوديات غير راضيات عن مظهرهن وجمالهن الخارجي، وأرجعت الدراسة التي أجرتها إحدى شركات التجميل العالمية سبب عدم رضا السعوديات الى الصورة التقليدية للجمال العربي الأصيل الذي يتمثل في الطول الفارع، والشعر الأسود الكثيف.

ليس هذا فقط بل ان الدراسة أكدت أن 37% من النساء اللاتي شملهن البحث وبلغ عددهن 2500 امرأة وتحديدا في الفئة العمرية بين 15 و 17 سنة أكدن احتمال لجوئهن الى إجراء عمليات تجميل للحصول على مقاييس الجمال التي ينادي بها المجتمع العربي.

* ما زال لكل مجتمع مقاييسه التي يقيم على أساسها جمال المرأة وأنوثتها. قد تتغير هذه المقاييس داخل المجتمع بين جيل وآخر ولكن تبقى لكل مجتمع خصوصيته في الجمال. 


1ـ العرب وضعوا الشعر الأسود الطويل الناعم، والعيون الواسعة والبشرة البيضاء الصافية، والعنق الطويل والجسد الذي يميل الى البدانة، مقاييس لا بديل عنها للجمال.

2ـ اليابانيون يفضلون المرأة الرقيقة دقيقة الجسد ذات الخصر النحيل على ان تكون بيضاء ذات أقدام صغيرة وصوت هادئ. وكانوا يعتبرون الطول عيبا لا ميزة. 

3 ـ تمنح بعض القبائل الافريقية المرأة لقب جميلة كلما زاد سواد بشرتها الذي يدل عندهم على نقاء الاصل. كما انهم لا يعترفون بمبدأ الشعر الطويل الذي يشبهه العرب بسلاسل الذهب، فأحد مقاييس الجمال لديهم ان تكون المرأة صلعاء. 

4ـ في السودان لا يهتم البعض بقضية صفاء البشرة ونقائها حيث ترى بعض المناطق السودانية ان المرأة التي لا يوجد في وجهها تشققات لا تعد من الجميلات ولا تصلح للزواج. 

5 ـ في بورما يفضلون المرأة ذات الرقبة الطويلة، ولهذا فانهم يعلقون حلقات معدنية في رقبة الفتاة منذ مولدها تزيد حلقة في كل عام لزيادة طولها.

6ـ مقياس الجمال لدى الاسكيمو والهنود الحمر له معايير أخرى يأتي على رأسها رائحة المرأة التي لا بد وان تكون زكية، ولذلك تداوم النساء هناك على استخدام الزيوت العطرية لتدليك الجسد، مع مضغ بعض النباتات العطرية لتطييب رائحة الفم.

7ـ في جنوب آسيا فإن الدارج في مقاييس الجمال هو تلبيس الأسنان حتى السليمة منها بأغطية ذهبية وفضية، لأن الأسنان البيضاء دليل الفجور.

8- أما الغرب فيفضل المرأة الطويلة ذات الأكتاف العريضة والشعر الأشقر والقوام النحيف والشفاة المكتنزة.



ليست هناك تعليقات: