الثلاثاء، 17 يناير 2012

كيف يمر الشهر دون أن أستدين؟


سؤالا بات مطروحا من مختلف المستويات, فقراء وأغنياء, محدودي الدخل وميسوري الدخل, مما يؤكد ويبرهن أن ديوننا اليوم هي نتاج عادات وسلوكيات استهلاكية سيئة ومقيتة.

مع التأكيد على مساهمة ألاوضاع الاقتصادية الصعبة في تفاقم وتضاعف الدّيون خصوصا عند طبقة محدودي الدخل والتي تشكل الشريحة الأكبر في مجتمعنا.
 
ان أوضاعا اقتصادية صعبة تنعكس في تراجع وانحسار الموارد والمدخولات, ينبغي أن تكون محفزا لاعادة تهذيب هذه السلوكيات وهذه العادات بدلا من أن تكون سببا في زيادة هذه الدّيون.
 
فالخطأ يكمن في تعاملنا مع الدّيون على أنها مصدر دخل اضافي أو أنها تعويض لما ينقصنا من دخل من أجل الحفاظ على مستوى معيشي معيّن.
 
ان الحل لمشكلة الدّيون يكون عبر وضع ميزانية للبيت تأخذ بالحسبان موارد ومدخولات الاسرة وتضع ترتيبا للأولويات وتنظم العملية الاستهلاكية.
 
ما هي الميزانية؟ وما هي أهميتها؟
 
ان ميزانية البيت تعني أن تضع الاسرة كفتين, كفة المدخولات على أنواعها, وكفة المصروفات على أنواعها, وذلك لفترة زمنية محددة( شهر, جزء من السنة, سنة…) فيتم بذلك معرفة ما ينتظر الأسرة من عجزاو فائض, فان كان عجزا يتم تحديد طرق لتغطيته, وان كان فائضا يتم تحديد سبل لاستثماره.
 
فاعداد مثل هذه الميزانية هو ضمان لاستقرار البيت اقتصاديا وبالتالي تتحقق السكينة والمودة.
 
عوامل نجاح الميزانية:
 
هنا لا بد من التأكيد ثانية على أن عملية اعداد هذه الميزانية يجب ان تكون جماعية شورية يشارك فيها جميع أفراد العائلة, أبا وأما وأبناء على اختلاف أعمارهم, في جلسه عائلية هادئه فيكون ذلك حافزا معنويا لتنفيذ بنود الميزانية ولتحمل المسؤوليات والقيام بالدور المطلوب.
 
كما ان عملية تقدير المخولات والمصروفات يجب ان تكون واقعية, فلا مكان للتفاؤل المفرط أو التشاؤم المغالي في عملية تقدير المدخولات لأن نتاج ذلك سيكون اما تبذيرا واسرافا واما شحّا وتقتيرا, فوسطية شرعنا الحنيف هي الواقعية بعينها.
 
وليكن أولا وقبل كل شي تقدير واحصاء المدخولات ومن ثم تنظيم وتخطيط المصروفات وايّانا أن يكون العكس, لأن العكس يعني أن نبحث عن مصادر اضافية لتمويل مصروفاتنا فعندها يكون اللجوء الى الدّيون(الربوية طبعا لأنها الأسهل والأسرع والأقل “حرجا” ! )
 
ثم لا بد من التذكر أننا نعيش في زمن الطوارىء فيه كثيرة والتغيّرات سريعة وعليه يجب اعداد ميزانية قابلة للتغيير والتعديل عند الحاجة دون أن يحدث ذلك أزمة ويكون ذلك عبر اعداد ميزانيات لفترات زمنية قصيرة, تكوّن مع بعضها الميزانية السنوية للاسرة.
 
خطوات اعداد الميزانية :
 
ثلاث خطوات لا بد من اتباعها في اعدادنا لميزانية البيت:
 
أولا:- تحديد المدخولات.
ثانيا:- تحديد المصروفات.
ثالثا:- الموازنة بين المدخولات والمصروفات.
 
سنتطرق في حلقتنا هذه الى الخطوة الاولى وهي كيفية تحديد وتقدير المدخولات المتوقعة والتي بناءا عليها سيتم تنظيم باب المصروفات.
 
الخطوة الاولى: تحديد المدخولات
 
يمكننا تقسيم أنواع المدخولات للاسرة في هذه البلاد الى ثلاثة أنواع:
 
1. المدخولات الجارية أو الدورية.
2. المدخولات الاضافية.
3. المدخولات المتغيّرة.
 
المدخولات الدورية/ الجارية:
 
وهي المعاشات أو الرواتب والتي لها مصدر اساسي ثابت, هذا النوع من المدخولات من الممكن تحديده وتقديره مسبقا وبدقة وهو عبارة عن المبلغ الصافي الذي يتم استلامه من المشغل( نقدا أو شيك أو تحويلة لحساب البنك)
 
المدخولات الاضافية:
 
تقسم المدخولات الاضافية الى قسمين:-
 
مدخولات اضافية متوقعة ومدخولات اضافية غير متوقعة, اما المدخولات الاضافية المتوقعة فهي بشكل عام:
 
- منح التأمين الوطني المختلفة: مخصصات تأمين الأولاد, تأمين اعاقه, شيخوخة…وغيرها.
- اضافات على المعاش لمرة واحدة في السنة, مثل النقاهات, منحة ملابس, مكافآت وحوافز.
- مدخولات من تأجير عقارات أو أملاك أخرى.
- مدخولات كمساعدة من الأهل والأقارب.
- أي مدخول اضافي ومتوقع غير المدخول الاساسي الدوري والثابت.
 
اما المدخولات الاضافية الغير متوقعة فقد تكون:-
 
- ميراث.
- هبة أو مكافأة أو جائزة.
- تعويض لضرر ما( في الجسم أو في الاملاك)لا قدّر الله.
عند اعدادنا للميزانية يمنع أخذ المدخولات الغير متوقعة بالحسبان, لأنها ببساطة غير متوقعة ولا يمكن تقديرها ابدا.
 
المدخولات المتغيرة:-
 
هي مدخولات أصحاب الاعمال الحرة والمستقلين بالاضافة للموظفين والعمال الذين يتقاضون معاشات متعلقة بمجهود ما “كالعمل على الساعة” أو العمل كوكلاء مبيعات وتسويق.
 
في هذه الحالة- عندما يكون الدخل متغيّرا- علينا أن نقدر متوسط الدخل بناءا على الدخل في الاشهر الماضية ولاجراء هذا التقدير يمكن للذين يستعملون حساباتهم البنكية كقناة رئيسية للمدخولات والمصروفات أن يتمعّنوا في كشوفاتهم البنكية للأشهر الماضية وتقدير متوسط المدخولات التي اودعت في الحساب.
 
كما أنه يمكن ايضا اجراء ذلك التقدير لمتوسط الدخل بواسطة تقدير المصروفات التي تم انفاقها في الاشهر الماضية على أن يتم تحيييد الدّيون ان استعملت لتمويل هذه المصروفات أو اضافة الفائض ان تبقى بعد الصرف.
 
على المستقلين من تجار وأصحاب شركات أن يفصلوا بين رأس المال والذي تقوم به أعمالهم وبين الدخل الذي هو ثمرة رأس المال هذا, فحذار من أكل رأس المال عن طريق شراء وانفاق غير محسوب يسّهله تيسر سيولة المال.
 
وعليه لا بد في هذه الحالة من تقدير راتب متوسط يتم اقتطاعه والتعامل معه كمدخول شهري تنظم المصروفات حسبه.
 
في النهاية تذكر أخي, تذكري أختي ان المدخولات ما هي الا رزق من عند الله الذي جعل لكل شيء سببا وجعل أسباب الرزق في حسن التوكل وفي حسن السعي.

ليست هناك تعليقات: